تناول سماحة العلامة الشيخ حسين بوخمسين في كلمة يوم الجمعة الثامن من محرم لعام 1442 نهضة الإمام الحسين عليه السلام . وابتدأ سماحته الحديث بأن أعظم وجوه التقوى هو تعظيم شعائر الله ومن شعائره هو أن نتوقف لدراسة وتدبر كلمات الإمام الحسين عليه السلام خلال نهضته ومسيره إلى كربلاء. وقال سماحة الشيخ إن من أعظم الكلمات التي ترتبط بعقيدتنا ومفاهيم القرآن وعلاقتنا بالله وبالتالي بدنيانا وأخرانا هي كلمة قالها في تفسير خروجه ومسيره رداً على ابن عباس حين حاول إقناعه بالتخلي عن الخروج والناس يفدون على مكة للحج ( شاء الله أن يراني قتيلاً ، وشاء الله أن يراهن سبايا ) .

وذكر الشيخ أن هذه الكلمة تختصر جزءا كبيرا من عقيدة القرآن في المشيئة الإلهية ، واستفهم متعجباً: أو يعقل أن يشاء الله أن يسفك دم الحسين وأن يسبى حريم أشرف خلق الله؟ وهل هذه من مشيئة الله؟ ومن حب الله لأحب الخلق إليه؟ وقارن سماحة الشيخ هذه الكلمة المهمة للإمام سلام الله عليه مع مشيئة الله حين نصر أنبياءه ورسله في مواضع شتى، بمثل تنجية نبي الله نوح من الطوفان، وإبراهيم من النار، وتأييد صالح بناقة وفصيلها، وتدخل العناية الإلهية في أمر موسى وقومه عليهم وعلى نبينا صلوات الله. واستطرد سماحته في استفهامه قائلاً: فما بال الحسين سلام الله عليه وهو يقول قوله هذا؟ وما هذه المشيئة؟ وبماذا تعلقت؟

وبعد طرح هذه الأسئلة المحورية والمهمة أجاب على المصلين في مسجد الإمام المهدي إنه لشيء عظيم، بل ومن أعظم ما شاء الله من أول الدنيا إلى آخرها: أن يسفك دم وارث الأنبياء والمرسلين في ذلك اليوم. إنه اليوم الذي يملأ  الله الأرض قسطاً وعدلاً بشعار يا لثارات الحسين وهذه هي مشيئة الله بأن يرى الحسين قتيلاً.

وبعد هذه الإجابة  قام سماحة الشيخ بطرح سؤال يشكل على الناس وهو: هل كان الحسين مجبراً وهل كان مسيراً في نهضته بحكم المشيئة الخاتمة؟ حيث أجاب عن هذا السؤال : بأننا لو أردنا أن نجيب بالإيجاب فإنما نحن نتبنى الفهم الأموي المنحرف لهذا السؤال وبالنتيجة فليس للإمام إلا أن يقبل مضطراً دون خيار، وهو لا شك فهم بعيد عن الفهم القرآني الأصيل.

فما هو الرد على هذه الشبهة الأموية؟ فرد سماحة الشيخ أن الحسين ما كان مسيّرا أبداً. شاء الله، بمعنى أن الله علم بعلمه الأزلي أن الحسين سيسفك دمه. شاء الله، بمعنى أن الله أراد، وثنى ذلك، من ضمن تقديراته التكوينية الخالدة، وما أراده لهذا الإنسان الخليفة في أرضه، وثمن ذلك هو سفك دمه سلام الله عليه.

واستوقف سماحة الشيخ المؤمنين بالقول إن ما وراء يوم عاشوراء ما وراءه من أمر عظيم ، وتمثل ذلك في القول الشريف حين تمنى أن يكون “كل يوم عاشوراء”.

إذن فإن العقيدة الأموية هي التي تقول بتسيير الإمام الحسين كما تقول إن يزيد مسيّر في قتله لبيت العترة وسبي حرمه، ثم استفهم قائلاً لو كانا كذلك فعلامّ يدخل الحسين الجنة وعلامَ يدخل يزيد النار؟

ثم تابع سماحة الشيخ استنتاجه بعد تأييد كلامه ببعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة أن الحسين اختار ما خطه الله له من شهادة وتضحية اختيارا، لنصرة الدين والرسالة، وكذلك اختار الأنصار والحرم ما اختاره إمامهم ولم يبدلوا عنه، سلام الله عليه وعليهم.

وختم سماحة الشيخ كلامه بذكر حادثة الذبح الإسماعيلي حيث خلص أن الإمام الحسين هو الذي فدا جده إسماعيل بقول الله تعالى: (وفديناه بذبح عظيم) . وبين أن الحسين يفدي كل ما يمثله النبي إبراهيم وكل ما يمثله النبي إسماعيل وكل ما يمثله الأنبياء والأوصياء والمرسلين والإنسانية وبذلك هو الوارث الحق، الغالب والمنتصر لهم. واستشهد في خاتمة كلامه ببعض الروايات التاريخية التي تبين أكبر الشواهد بالانتصار الذي حققه الحسين عليه السلام وهو رفع الآذان خمس مرات في كل يوم وذكر الشهادتين، مبيناً أن الانتصار يراه كل مؤمن وكل إنسان بـ” أشهد أن لا إله الله وأشهد أن محمد رسول الله”.