طرح سماحة العلامة الشيخ حسين بوخمسين أمام جمع المصلين في جامع الإمام المهدي عجل الله فرجه بين صلاتي العشائين، طرح تساؤلا مهما لأحد المؤمنين مفاده: “يقول السائل: زوجتي وضعت مبالغ الرواتب التي تستلمها معي في بناء البيت، فهل هي شريكة لي في البيت أم إن هذه المبالغ تعتبر قرضاً عليّ سدادها”. وقد أشاد سماحة الشيخ بهذا السؤال واعتبره من الآسئلة المهمة جداً، حيث إنه تتعلق عليه الحقوق، بل وتترتب عليه العلاقات الزوجية واستقرار البيوت أو انهدامها وهو أمر واقعي بلا شك.
ثم أوضح سماحة الشيخ أن هناك من النساء من تحصّل الرواتب مقابل عملها سواء كانت طبيبة أو مدرّسة أو مبالغ تحصلت عليها من الهدايا أو المواريث. فأيّا تكن مصادر هذه الأموال، فإن المرأة قد تودعها عند الزوج فيبنى بها بيتاً. وهنا شدّد سماحة الشيخ أن الأمور يجب أن تكون واضحة منذ البداية للداني قبل القاصي، بسؤال مهم يطرحه كافة الأطراف وهو: “على أي أساس وضعت الزوجة هذه المبالغ لدى الزوج؟” ومن ثمة فإن الإجابات المحتملة هي:
الحالة الأولى: الزوجة تعطي الأموال بنية القرض. فهنا على الزوج أن يرد القرض إلى زوجته بعد الفراغ من البناء وتيسير الله للأحوال. فيبقى البيت خالصاً للزوج وترد الأموال كاملة للزوجة. وتبقى الزوجة معززة مكرمة في البيت بوجوب توفير المسكن لها. ومن هنا يجب أن يكون الاتفاق مكتوباً محسوباً.
الحالة الثانية: الزوجة تعطي الأموال بنية المشاركة في المنزل. وهنا يجب حفظ حقها واضحاً. وصفة ذلك أن على الزوج أن يكتب في وصيته أن البيت تشترك في ملكيته الزوجة بنسبة محددة. كما عليه أن عليه أن يخبر محيطه من أبوين وأبناء وغيرهم بذلك ويذكّرهم به. ولا يسقط ذلك عن ذمته إن قصر في أي من ذلك.
ومن هنا، فإن إغفال مثل هذه المسائل يترتب عليه الذنب العظيم وحرمة تلك الأموال المأخوذة كما يترتب عليها مخاطر كثيرة في العلاقات الزوجية واستقرار الأسر. ثم أشار سماحته إلى من يتساهلون في أمر الأموال المأخوذة من النساء دون سؤال أو اهتمام. وجراء ذلك يقوم بعض النساء بتقديم شكاوى حول هضم حقوقهن المالية من قبل الأقارب الذكور . على سبيل المثال هناك من تشتكي أنها تحرم من راتبها الشهري أو من لم تستلم ميراثها ، مستشهداً بتلك السيدة التي تبث شكواها على أخيها الذي حرمها الميراث من بستان لوالدهم لمدة 40 سنة، ثم أتاها وقد كبر أولادها وتزوجوا وتيسرت أمورهم. أتاها يحمل إليها ميراثها فعنّفته ونهرته قائلةً: الآن تأتي بحقي وقد أغنانا له عنه بعد أن هلكنا ألف مرة ونحن نطالبك به؟
ثم استشهد سماحة الشيخ بالآية الكريمة من سورة النساء حيث يقول عز من قائل: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا (4) ) موضحاً أن طيب النفس شرط في حلية الأموال على من أخذها، ويجب الاستيضاح منها عن تلك الأموال، ألّا تكون قد منحتها عن حياء أو مخافة على بيتها أو غيره، وذكر الكلمة المأثورة: “المأخوذ حياء كالمأخوذ غصباً”.
وهنا صرح سماحة الشيخ قائلاً: لا يجوز شرعاً بأي حال من الأحوال، لا للأب، لا للأخ، لا للزوج، لا للإبن، أن يأخذ حق المرأة وإن أخذ حقها بتلك هذه الطريقة فإن الأموال المأخوذة تعامل معاملة الغصب شرعاً وهو غير جائز بأي حال. وزاد على ذلك قائلاً: يجب على الرجل المقتدر أن ينفق على المرأة إن كانت أمه أو أخته، ومن نافلة القول، ينفق على زوجته وبنته.
ثم استطرد سماحة الشيخ موجهاً وناصحاً المؤمنين أن الايمان الحقيقي إنما يبرز ليس بكثرة السجود والركوع بل بالأمانة فهي المحك الحقيقي لإيمان المرء كما ورد في الرواية: “لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده، ولكن انظروا إلى صدقه في الحديث وأدائه الأمانة” فهذه هي معايير الإسلام والإيمان الحقيقيين.
ومن هنا عاد سماحة الشيخ على ذي بدء مشدداً على أهمية السؤال المطروح أولاً بضرورة تحديد نوع مساهمة الزوجة أو القريبة في المنزل الذي يبنى، وثانياً ضرورة تحرير الاتفاقية كتابة واضحة سواء كانت قرضاً فيسدد أو شراكة فتذكر فيها حصة المرأة.
اضف تعليقا